تدهورت الصناعةُ التحويليةُ في جميع أنحاء أوروبا الشهرَ الماضي بسبب تأثير الحرب في أوكرانيا، بينما رسمت المصانعُ في آسيا صورةً مختلطة. فقد انخفض مؤشرُ مديري المشتريات لمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة، وهو مقياس لنشاط القطاع الخاص، إلى 48.4 مقابل 49.6 في أغسطس. وهذا أسوأ قليلاً من مؤشر القراءة الأولية لشركة ستاندرد آند بورز جلوبال (S&P Global) والذي يسجل للشهر الثالث على التوالي أرقاماً دون حد الـ50 التي تفصل بين التوسع والانكماش.
وكانت القراءات الخاصة بأكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو أيضاً دون هذا المستوى الرئيسي، مما يسلّط الضوء على التوقعات القاتمة بشكل متزايد بالنسبة للمنطقة الأكثر تضرراً من الصراع على حدودها الشرقية. ويتزايد احتمال حدوث ركود في الكتلة وسط التهديدات المتزايدة بفرض قيود على الطاقة.
قال كريس ويليامسون، الخبير الاقتصادي لدى ستاندرد آند بورز جلوبال، يوم الاثنين: «المزيج السيئ لحالة الركود التي يشهدها قطاع التصنيع وتزايد الضغوط التضخمية، كل ذلك سيزيد من المخاوف بشأن مستقبل اقتصاد منطقة اليورو». وأضاف: «يبدو أن الأسوأ سيأتي مع تراجع الطلبات بمعدل أكثر حدةً بكثير من خفض الإنتاج».
وفي آسيا، أظهرت المصانع مساراً منقسماً للتعافي في سبتمبر، حيث تحولت القوى الصناعية في الشمال إلى الضعف وأظهرت مراكزُ سلسلة التوريد الرئيسية في الجنوب مرونتَها وسط تباطؤ النمو في الصين.
وأظهرت أجهزة القياس في معظم أنحاء جنوب شرق آسيا تحسناً، حيث سجلت إندونيسيا 53.7، وهو ما يضاهي قراءتَها المسجلة في شهر يناير، والتي كانت الأفضل في هذا العام. وسجلت تايلاند رقماً قياسياً في البيانات التي تعود إلى عام 2016، كما سجلت الفلبين أيضاً ارتفاعاً في سبتمبر. وشهدت ماليزيا ضعفاً نادراً في جنوب شرق آسيا، حيث تراجعت إلى 49.1 بعد 50.3 في أغسطس.
وكشفت منطقة شمال آسيا عن المزيد من المعاناة في مؤشر مديري المشتريات لشهر سبتمبر، حيث تراجعت تايوان واليابان عن الشهر السابق، مع تراجع مؤشر مديري المشتريات في تايوان إلى 42.2، وهو الأسوأ منذ أدنى مستوى مسجل في حقبة الوباء في مايو 2020، وفقاً لـ«ستاندرد آند بورز جلوبال». ومن المقرر أن يتم الإعلان عن مؤشر مديري المشتريات في كوريا الجنوبية يوم الثلاثاء.
هذه البيانات عن المصانع هي جزء من النظرة المتشائمة بشكل متزايد للاقتصاد العالمي، في ظل موجة من الزيادات في أسعار الفائدة أيضاً للتغلب على التضخم المتفشي ومخاوف النمو في الارتفاع. ومن ناحية أخرى، بدأ التباطؤ الاقتصادي في الصين يلقي بثقله على الدول المجاورة المعتمدة على التجارة، واستمرت عمليات دعم سلسلة التوريد في جميع أنحاء العالم.
ويؤدي تراجع الطلب على التكنولوجيا وأشباه الموصلات إلى إضعاف الصادرات القادمة من القوى الصناعية في شمال شرق آسيا، بما في ذلك كوريا الجنوبية وتايوان واليابان، ويؤثر على معنويات المنتجين.
وقد تراجعت الثقة بين كبار المصنّعين في اليابان بشكل غير متوقع، ولثلاثة أرباع متتالية، في أعقاب الانخفاض السريع لقيمة الين وتفاقم التوقعات الاقتصادية العالمية. انخفض مؤشر الثقة بين كبريات الشركات المصنعة في البلاد إلى 8 في شهر سبتمبر مقابل 9، وفقاً لتقرير «تانكان» ربع السنوي الصادر عن بنك اليابان مؤخراً. 

وقالت أنابيل فيدس، المديرة الاقتصادية المشاركة في «ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت انتيليجينس» S&P Global Market Intelligence، في بيان، إن الشركات لا تتوقع حدوث تحسن «في أي وقت قريب»، حيث وصلت ثقة الأعمال للعام المقبل إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق. و«كان هذا مدفوعاً بالمخاوف من أن الظروف الاقتصادية العالمية ستضعف أكثر، وسيستمر الطلبُ في الأسواق الرئيسية، في جميع أنحاء آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، في الانخفاض خلال الأشهر المقبلة».
وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي في الصين الشهر الماضي إلى 50.1، مقابل 49.4 في أغسطس، وفقاً لبيان صادر عن المكتب الوطني للإحصاء. وفي حين أن مؤشرات مديري المشتريات في الصين تُظهر بوادر أولية على التراجع، يحذِّر الاقتصاديون من أن وطأة الضربة على المصدرين الآسيويين لم تأتِ بعد. فقد شهدت المصانع في تايوان أسرع انخفاض في الإنتاج والمبيعات منذ مايو 2020، وتراجعت المخزونات بأسرع معدل منذ أكثر من عقد.
ومن المقرر صدور بيانات عن الأداء في الولايات المتحدة وقراءة عالمية لمؤشرات مديري المشتريات التصنيعية في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

ميشيل جامريسكو وإندا كوران وجيمس ريجان

ثلاثة صحفيين لدى «بلومبيرج»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست سينديكيت»